وَلَا تُفْسِدُواْ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًۭا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌۭ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
﴿٥٦﴾سورة الأعراف تفسير السعدي
" وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ " بعمل المعاصي " بَعْدَ إِصْلَاحِهَا " بالطاعات, فإن المعاصي, تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق, كما قال تعالى: " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ " كما أن الطاعات, تصلح بها, الأخلاق, والأعمال, والأرزاق, وأموال الدنيا والآخرة.
" وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا " أي: خوفا من عقابه, وطمعا في ثوابه.
طمعا في قبولها, وخوفا من ردها, لا دعاء عبد مدل على ربه, قد أعجبته نفسه, ونزل نفسه فوق منزلته, أو دعاء من هو غافل لاه.
وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء: الإخلاص فيه للّه وحده, لأن ذلك يتضمنه الخفية.
وإخفاؤه وإسراره, أن يكون القلب خائفا طامعا, لا غافلا, ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة, وهذا من إحسان الدعاء فإن الإحسان في كل عبادة, بذل الجهد فيها, وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه, ولهذا قال: " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " في عبادة اللّه, المحسنين إلى عباد اللّه.
فكلما كان العبد أكثر إحسانا, كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريبا منه برحمته.
وفي هذا من الحث على الإحسان, ما لا يخفى.