وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ
﴿٢٢٦﴾سورة الشعراء تفسير السعدي
" وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ " أي: هذا وصف الشعراء, أنهم تخالف أقوالهم أفعالهم.
فإذا سمعت الشاعر يتغزل بالغزل الرقيق, قلت هذا أشد الناس غراما, وقلبه فارغ من ذاك,.
وإذا سمعته يمدح أو يذم, قلت: هذا صدق, وهو كذب.
وتارة يتمدح بأفعال لم يفعلها, وتروك لم يتركها, وكرم لم يحم حول ساحته, وشجاعة يعلو بها على الفرسان, وتراه أجبن من كل جبان.
هذا وصفهم.
فانظر, هل يطابق حالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, الراشد البار, الذي يتبعه كل راشد ومهتد, الذي قد استقام على الهدى, وجانب الردى, ولم تتناقض أفعاله؟.
فهو لا يأمر إلا بالخير, ولا ينهى إلا عن الشر.
ولا أخبر بشيء إلا صدق, ولا أمر بشيء إلا كان أول الفاعلين له, ولا نهى عن شيء إلا كان أول التاركين له.
فهل تناسب حاله, حالة الشعراء, ويقاربهم؟.
أم هو مخالف لهم من جميع الوجوه؟ فصلوات الله وسلامه, على هذا الرسول الأكمل, والهمام الأفضل, أبد الأبدين, ودهر الداهرين, الذي ليس بشاعر, ولا ساحر, ولا مجنون, لا يليق به إلا كمال.